رياضيون تغلّبوا على إصاباتهم وحقّقوا عودة ملهمة
في عالم الرياضة الاحترافية تعتبر الإصابات الرياضية أمرًا لا مفرّ منه، بل هي الشبح الذي يطارد اللاعبين. وبغض النظر عن الرياضة التي يحترفونها، يتخوّف أهم الرياضيين من الإصابات التي من شأنها ليس فقط تغييبهم عن بعض أهم الأحداث الرياضية، إنما قد تدفعهم في الكثير من الأحيان الى الاعتزال المبكر.
والرحلة من الإصابة الى التعافي بالنسبة إلى الرياضيين المحترفين لا تتعلّق فقط بالشفاء بل هي بمثابة تحدّ للعودة الى ذروة الأداء. وغالبًا ما يكون طريق التعافي لمشاهير عالم الرياضة، ملهمًا بشكل لا يصدق. ولا توضح هذه القصص، المرونة الجسدية المطلوبة للتغلب على الإصابات الخطيرة فحسب، بل تسلّط الضوء أيضًا على التدخلات الطبية المتقدّمة والحالة النفسية التي تُعتبر المفتاح الرئيسي للتعافي.
لاعبو التنس والغولف يحاربون إصابات الكتف والظهر والركبة
تُعدّ إصابات الظهر والكتف فضلاً عن إصاباب الركبة من أكثر الإصابات الرياضية شيوعًا عند لاعبي كرة المضرب والغولف، وهي تفرض عليهم دائمًا القيام بتمارين تحمية خاصة للوقاية منها… إلاّ أن هذه التمارين وإن كانت تقي في كثير من الأحيان، إلا أن اشتداد المنافسة، غالبًا ما يوقع أكثر اللاعبين تفوّقًا في فخ الإصابة التي تتطلّب الكثير من الوقت والجهد الجسدي والنفسي للتعافي.
إصابة في الكتف تنهي موسم أنس جابر
أعلنت نجمة التنس التونسية، أنس جابر، وصيفة بطلة البطولات الأربع الكبرى ثلاث مرات، أنها اضطرت إلى إنهاء موسمهما للعام الحالي بسبب إصابة في الكتف.
وتراجعت أنس إلى المركز 22 في التصنيف العالمي هذا العام، وسط مشاكل في اللياقة البدنية، وانسحبت من بطولات سينسناتي وواشنطن وأميركا المفتوحة، بسبب مشكلة في الكتف بعد غيابها عن أولمبياد باريس بسبب مخاوف بشأن ركبتها.
وقالت جابر عبر مواقع التواصل الاجتماعي: “كان هذا العام صعبًا للغاية بالنسبة لي، وكرياضيين فإننا نعلم أن التعافي هو جزء من الرحلة”. وتابعت: “بسبب إصابتي المستمرة في الكتف، اتخذت أنا وفريقي الطبي قرارًا صعبًا بالابتعاد عن التنس لبقية الموسم”.
وأضافت المصنّفة الثانية عالميًا سابقًا، أنها ستخصّص وقتها “للمشاريع الخيرية” أثناء فترة تعافيها، على أمل أن تتغلب قريبًا على إصابتها وتعود بكامل قوتها الى الملاعب في أستراليا مطلع العام المقبل.
الإصابات تبعد رفاييل نادال عن 16 بطولة كبرى
خلال مسيرته الغنية بالأرقام القياسية، تعرّض لاعب كرة المضرب رفاييل نادال لسلسلة إصابات أبرزها في قدمه اليسرى، حيث عانى من متلازمة “مولر-فايس”.
ومن الكاحل إلى معصم والركبة والمرفق والمشكلات المعوية، تسببت الإصابات بإبعاده عن 16 بطولة كبرى وانسحابه في خمس مناسبات خلالها. وكشف في رولان غاروس العام 2022، ان تتويجه كان مستحيلاً لولا تلقيه الحقن المسكّنة للألم في قدمه. ثم خضع لتدخل جراحي تطلّب حرق أعصاب في قدمه، للسماح له بإطالة مسيرته الاحترافية.
رغم ذلك، ألقى تزايد الاصابات بظلاله على مشوار نادال الرائع، وأجبره إجهاد في البطن على الانسحاب من بطولة ويمبلدون، حيث بلغ الدور نصف النهائي. وأصيب بعدها في وركه في بطولة أستراليا في يناير 2023، حيث ودّع البطولة من الدور الثاني.
ومنذ ذلك الوقت لم يستعد مستواه السابق بسبب وقوعه في فخ الاصابات المتكرّرة والانسحابات. واختير نادال لحمل علم بلاده في أولمبياد باريس الأخير، وحمل الشعلة الأولمبية مع الأسطورة الأميركية سيرينا وليامز، ثم شارك في مباريات الزوجي مع النجم الشاب كارلوس ألكاراس من دون تمكنه من حصد الذهبية.
فيدرير مسيرة ملهمة بالتغلّب على الإصابات
بعمر الحادية والأربعين وبعد إصابات متلاحقة في الركبة، أعلن لاعب كرة المضرب السويسري روجيه فيدرير اعتزاله. لكن الجدير بالذكر أنّ فيديرير لم يكن لاعبًا عاديًا، بل بطلاً أثبت جدارته رغم الإصابات. فهو على الرغم من كونه سرّح في عمر الـ 18 عامًا من الخدمة العسكرية الإلزامية بسبب مشكلة مزمنة في الظهر، إلا أنه احتل المرتبة الأولى عالميًا في الفردي من قبل رابطة محترفي التنس لمدة 310 أسابيع، بما في ذلك 237 أسبوعًا متتاليًا، وهو رقم قياسي، وأنهى العام في المرتبة الأولى خمس مرات. فاز بـ 103 ألقاب فردية في جولة رابطة محترفي التنس، وهو ثاني أكثر عدد على الإطلاق، بما في ذلك 20 لقبًا رئيسيًا في فردي الرجال، من بينها ثمانية ألقاب فردية في ويمبلدون، وهو رقم قياسي مشترك في العصر المفتوح بخمسة ألقاب فردية في بطولة الولايات المتحدة المفتوحة، وست بطولات نهاية العام.
طوال مسيرته المهنية التي استمرت 20 عامًا، لم يخسر فيدرير سوى ثلاث مباريات فردية، كلها بسبب إصابة في الظهر.
خضع فيدرير لثلاث عمليات جراحية في ركبتيه، أول عمليتين في ركبته اليسرى، في عامي 2016 و2020، والثالثة في ركبته اليمنى في عام 2022.
عندما أصيب في ركبته في عام 2016، خضع فيدرير لعملية جراحية في الركبة حيث تمت إزالة جزء رئيسي من الأنسجة. لكن بفضل مثابرته وقوته عاد إلى اللعب على أعلى مستوى لسنوات. ومع ذلك، فإن تقليم الغضروف المفصلي يغيّر العبء على قصبة الساق، ما يؤدّي غالبًا إلى الألم في النهاية، والمزيد من الجراحة، والاعتزال.
سيرينا ويليامز رحلة قاسية
خضعت سيرينا ويليامز، لعملية جراحية بعد إصابة شديدة في القدم هددت بإنهاء مسيرتها المهنية. لم تشمل عملية تعافيها الجراحة فحسب، بل شملت أيضًا العلاج الطبيعي المكثف والإدارة الدقيقة لعودتها إلى التدريب. إن عودة ويليامز المنتصرة للفوز بالعديد من ألقاب غراند سلام، هي شهادة على تصميمها الشديد والتخطيط الدقيق لفريق تعافيها.
كذلك تعرضت سيرينا ويليامز لإصابة في ساقها بعد انزلاقها على ملعب العشب الزلق خلال مباراتها بالدور الأول في ويمبلدون عام 2021. وانسحبت من المباراة، ما سمح لألياكسندرا ساسنوفيتش بالتقدم. كما ترك ذلك الكثيرين يتساءلون عما إذا كانت ويليامز ستتمكن من اللعب في بطولة كبرى أخرى مرة أخرى.
بعد مرور عام تعافت، وعادت للتنافس في ويمبلدون ، وقالت ويليامز، التي: “كان العام الماضي صعبًا … لقد أصبت بتمزق في عضلة الفخذ الخلفية. لا أعتقد أن أي شخص يريد فعل ذلك. كانت التجربة بأكملها صعبة، لقد بذلت قصارى جهدي، كل يوم أستعد أو أحاول الوصول. ولكن بعد ذلك شعرت وكأنني لن أصل إلى هناك. علّقت مضاربي لفترة حتى أتمكن من التعافي. إنها إصابة صعبة بالفعل أن أتعرض لما تعرضت له العام الماضي. لم يكن الأمر ممتعًا”.
تايغر وودز عودة تاريخية
في عام 2008 ، دخل لاعب الغولف تايغر وودز بطولة الولايات المتحدة المفتوحة عام 2008 بعد إصابته بكسر إجهادي مزدوج في قصبة ساقه اليسرى. لكنّه لعب على أية حال.
صك وودز أسنانه من الوجع طوال خمسة أيام من الغولف و91 حفرة، وهزم روكو ميديات في مباراة فاصلة. ويُعدّ فوزه في هذه البطولة أحد أكثر العروض الأسطورية التي قدمها في مسيرته.
وخلال مسيرته خضع لاعب الغولف الشهير تايغر وودز إلى العديد من جراحات الظهر، بما في ذلك جراحة دمج العمود الفقري التي كان من الممكن أن تنهي حياته المهنية. سمح له نهجه الدقيق في إعادة التأهيل، والجمع بين العلاج الطبيعي والعلاجات المتطوّرة مثل حقن البلازما الغنية بالصفائح الدموية، بالعودة التاريخية، والفوز ببطولة الماسترز في عام 2019.
إصابة الرباط الصليبي تقضّ مضاجع لاعبي كرة القدم
عندما يتعلق الأمر بالإصابات الخطيرة، هناك إصابة واحدة على وجه الخصوص يتمنى أي لاعب كرة قدم في أي مستوى تجنّبها أثناء أيام لعبه؛ وهي إصابة الرباط الصليبي الأمامي في ركبتيه. في الماضي القريب كان الضرر الكبير في الرباط الصليبي الأمامي يعني في كثير من الأحيان نهاية مسيرة اللاعب، ولكن لحسن الحظ وبفضل التقدّم في العلوم الطبية، أصبح العديد من لاعبي كرة القدم اليوم قادرين على التعافي بنجاح.
راداميل فالكاو
إن إصابة واحدة في الرباط الصليبي للركبة خلال مسيرة كرة القدم الاحترافية هي مجرد حظ سيئ. ولكن ماذا عن ثلاث إصابات؟ أجل، تعرّض راداميل فالكاو، لما لا يقل عن ثلاث إصابات خطيرة في الركبة ، في كل من اليسرى واليمنى خلال مسيرته. أصيب فالكاو في ركبته اليمنى لأول مرة أثناء اللعب مع ريفر بليت في مباراة ضد سان لورينزو في نوفمبر 2005 ، ثم تفاقمت المشكلة عندما حاول العودة بعد شهرين، ليغيب في النهاية عن الملاعب لمدة 10 أشهر.
وتعافى المهاجم الكولومبي بشكل قوي من تلك النكسة، ليصبح واحدًا من أكثر المهاجمين قوة في العالم خاصة خلال فترات لعبه مع بورتو وأتلتيكو مدريد.
وتسببت إصابته الثالثة في الركبة، هذه المرة في الجهة اليسرى، في تقليص تقدمه مع موناكو، ما أشار الى أن مسيرة هذا اللاعب الى القمة قد انتهت.
لكنّه فاجأ الجميع بتحسّن مستواه إذ قاد فريق موناكو للفوز بلقب الدوري الفرنسي في موسم 2016-2017 بتسجيله 21 هدفًا في 29 مباراة، قبل أن ينتقل إلى تركيا، حيث حقق سجلًا تهديفيًا جيدًا مع فريق غالاتا سراي، ثم عاد إلى إسبانيا مع فريق رايو فاليكانو وحقق بداية رائعة، لكن مستواه تراجع قليلاً، وهو الآن في الثامنة والثلاثين من عمره.
آلان شيرر
يعتبر آلان شيرار من أبرز المهاجمين الذين تعرضوا لإصابة في الرباط الصليبي الأمامي للقدم اليمنى خلال موسمه الأول مع بلاكبيرن روفرز بعد انضمامه إلى الفريق في صفقة قياسية إنكليزية آنذاك بلغت 3.6 ملايين جنيه إسترليني قادمًا من ساوثهامبتون.
ومع ذلك، حقق شيرار تعافيًا ملحوظًا بتسجيله 31 هدفًا في 40 مباراة فقط في الموسم التالي، ونال بفضل هذا الأداء جائزة أفضل لاعب للعام من قبل كتاب كرة القدم، وساعد في ترسيخ مكانة ناديه كأحد أفضل الأندية في إنكلترا.
وبعد بضع سنوات، تعرض شيرر لإصابة خطيرة في أربطة الكاحل أثناء اللعب مع نيوكاسل يونايتد، ولكن على الرغم من الانتكاسة الطويلة التي تعرض لها، فإنه لا يزال الهداف الأكثر غزارة في تاريخ الدوري الإنكليزي الممتاز برصيد 260 هدفًا.
اليساندرو ديل بييرو
تعرّض أليساندرو ديل بييرو، لإصابة في الرباط الصليبي الأمامي وهو في ذروة قوته في 1998، في وقت كان يعتبر فيه على نطاق واسع أحد أفضل المهاجمين في العالم. وفي الموسم السابق، كان ديل بييرو قد سجّل 32 هدفًا في 47 مباراة ليساعد يوفنتوس على رفع لقب الدوري الإيطالي وكذلك احتلال المركز الثاني في دوري أبطال أوروبا وكان غيابه عن الملاعب لفترة طويلة أمرًا محتومًا.
وعند عودته في نهاية المطاف، كان ديل بييرو لاعباً أقل سرعة ومباشرة، لكنه تكيّف بشكل مثير للإعجاب مع اللعب في دور مهاجم أعمق، وقضى 13 موسمًا إضافيًا في الفريق الأول للسيدة العجوز بالإضافة إلى الفوز بكأس العالم 2006 مع إيطاليا.
وانتهى الأمر باللاعب الإيطالي إلى اللعب حتى بعد بلوغه الأربعين من عمره بعد فترات قضاها في أستراليا والهند، ليقرّر في النهاية إنهاء مسيرته الرائعة في عام 2015
رود فان نيستلروي
بعد تسجيله 29 هدفاً في 23 مباراة في الدوري الهولندي الممتاز مع فريق بي إس في آيندهوفن خلال موسم 1999-2000، كان رود فان نيستلروي على أتم الاستعداد لإتمام انتقال قياسي للنادي بقيمة 18.5 مليون جنيه إسترليني إلى مانشستر يونايتد قبل وقوع الكارثة.
قبل أيام قليلة من الإعلان عن انضمامه إلى الشياطين الحمر، أصيب فان نيستلروي بتمزق في الرباط الصليبي للركبة اليمنى، ما أفسد حلمه بالانتقال إلى أولد ترافورد. وأبعدت الإصابة الهولندي الموهوب عن الملاعب لمدة عام، لكن ذلك لم يثن السير أليكس فيرجسون عن التعاقد معه مقابل 19 مليون جنيه إسترليني في الصيف التالي.
وكان هذا الإيمان في مكانه بالتأكيد حيث سجل فان نيستلروي 150 هدفًا في 219 مباراة مع النادي، قبل أن يستمتع بنجاح مماثل في ريال مدريد وهامبورغ.
روبرتو باجيو
كان روبرتو باجيو أحد أفضل اللاعبين في جيله، كما فاز بجائزة الكرة الذهبية عام 1993، لكنّه عانى من ركبتيه الهشتين طوال مسيرته المهنية تقريبًا.
عندما كان باجيو يبلغ من العمر 18 عامًا فقط ويلعب لفريق فيتشنزا، أصيب بتمزق في الرباط الصليبي الأمامي في ركبته اليمنى بالإضافة إلى تمزق في غضروفه. كانت شدة الإصابة المزدوجة كبيرة لدرجة أن المخاوف كانت تشير إلى أن مسيرته قد انتهت قبل أن تبدأ حقًا.
عانى باجيو طوال مسيرته الكروية من الإصابات الشديدة، لكنه رغم ذلك لعب لأندية يوفنتوس وميلان وإنتر ميلان، بالإضافة إلى مشاركته في 56 مباراة مع المنتخب الإيطالي.
روي كين
لأكثر من عقد من الزمن كان روي كين نبض خط وسط مانشستر يونايتد، وقد غاب عن معظم موسم 1997-1998 ، بسبب إصابة في الرباط الصليبي، ولعب دورًا محوريًا في تنازل الشياطين الحمر عن لقب الدوري الإنكليزي الممتاز لصالح آرسنال.
ورغم أن كين لم يعد بنفس قوته إلا أنه ظلّ مؤثراً بشكل كبير على فريق يونايتد لسنوات عديدة، وقادهم بخبرة إلى العديد من الألقاب، بما في ذلك ثلاثية موسم 1998/1999.
تشافي
تشافي، الذي كان يحمل الرقم القياسي في عدد المباريات التي خاضها مع برشلونة بـ767 مباراة في جميع المسابقات (قبل أن يتجاوزه ليونيل ميسي)، كان يشارك بانتظام في أكثر من 50 مباراة في الموسم، وهو ما جعل تعافيه من تمزق الرباط الصليبي في عام 2006 أكثر إثارة للإعجاب.
في طريقه إلى أن يصبح أسطورة للنادي، عانى تشافي من انتكاسة خلال موسم 2005-2006 عندما أصيب وتغيّب عن أربعة أشهر من الموسم.
وعلى الرغم من أنه كان من المتوقع أن يغيب عن بقية الموسم وكأس العالم 2006، فقد جلس تشافي على مقاعد البدلاء في فوز برشلونة في دوري أبطال أوروبا على آرسنال وسافر مع تشكيلة إسبانيا إلى ألمانيا.
فرانشيسكو توتي
مع اقتراب موسم 2007-2008 من نهايته، تعرّض قائد روما الملهم فرانشيسكو توتي لإصابة أنهت الموسم أمام ليفورنو عندما مزّق الرباط الصليبي الأمامي، ما أدى إلى غيابه عن فوز الفريق بكأس إيطاليا بعد بضعة أسابيع.
أمضى توتي أربعة أشهر مصابًا، لكنه تعافى تمامًا ليصبح الرجل الرئيسي في الفريق عند عودته في بداية الموسم التالي .في سن الأربعين، جعل توتي موسم 2016-2017 آخر موسم له كلاعب محترف، قبل أن يعتزل.
سايمون بايلز أبعدها الاكتئاب عن أولمبياد طوكيو .. لكنها تألقت في باريس

صحيح ان للإصابات الرياضية الجسدية التأثير الأكثر وضوحًا على مسيرة اللاعبين وأدائهم، إلا أنّ للمعاناة النفسية آثارًا أكثر تحطيمًا للأداء، لكن المشكلة أنّه يصعب رؤيتها ومعاينتها، إلا في حالات نادرة ولعل ابرزها كان انسحاب أسطورة الجمباز سايمون بايلز من منافسات أولمبياد طوكيو 2020.
فازت سيمون بايلز، التي تعد أكبر امرأة أميركية سنًا تنضم إلى فريق الجمباز الأولمبي منذ الخمسينيات، بالميدالية الذهبية السادسة لها في الألعاب الأولمبية، وهي الميدالية رقم 38 في مسيرتها بين الألعاب الأولمبية وبطولة العالم، ما عزّز رقمها القياسي باعتبارها لاعبة الجمباز الأكثر حصولاً على الميداليات في التاريخ.
لكن خلف قصة النجاح والتألق هذه، أخفت بايلز لسنوات طوال، محنة ومعاناة نفسية، انطلقت منذ الصغر، حينما لم تتمكن والدتها من رعايتها وشقيقيها بسبب إدمانها المخدرات، لتعيش في كنف جدها وجدتها اللذين حصلا على حق التبني والرعاية. لكن صعوبات الصغر لم تكن بمرارة قصة النجمة الأميركية مع الاكتئاب الناتج عن تعرّضها للاعتداء الجنسي.
لم تشتهر بايلز فقط بقصص نجاحها والميداليات التي أحرزتها في رياضة الجمباز في مختلف المحافل الدولية، بل أيضا عبر قصتها المحزنة. فخلال دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو سنة 2021، بعد أن كانت تخطط لمزيد من التألق والميداليات الذهبية بعد نجاحها في ريو سنة 2016، فقدت تركيزها في منتصف قفزة.
وانسحبت لاعبة الجمباز الأميركية من نهائي المسابقة الجماعية بسبب اشتداد أزمتها النفسية، وابتعدت عن كل المنافسات لمدة عامين لتتعافى. وقالت في تصريحات لاحقة: “ربما شعرت بأنني سأدخل في حالة اكتئاب، لكن كان هناك جزء مني يمنعني من تصديق ذلك”.
صعوبة التجربة حسب بايلز تتجلى في ما تلى إعلانها عام2018، عن تعرضها للاعتداء الجنسي من قبل طبيب الفريق السابق لاري نصار. وحول هذا الموضوع قالت في تصريحات لنيويورك ماغازين: “عندما أفكر في ما مررت به خلال السنوات السبع الماضية، أجد أنه لم يكن من المفترض أن أعود إلى الفريق الأولمبي، كان يجب أن أعتزل قبل فترة طويلة من المشاركة في طوكيو”.
توقفها عن المشاركة في البطولات لفترة، لم يمنعها من العودة إلى الساحة العالمية للجمباز التي تتصدّرها الآن وصارت أيقونة لها عالميًا. وبعد حصدها للذهب في باريس، تتطلع إلى تحقيق المزيد من النجاحات في النهائيات الفردية، حيث ينتظرها ربما المزيد من الميداليات.
تعتز بايلز البالغة من العمر 27 عامًا بشعار “ما زلت أرتقي”، الذي وُشِمَ على جسدها، وهو جزء من قصيدة للكاتبة والناشطة الحقوقية الراحلة مايا أنجيلو.