رافاييل نادال يعتزل بعد تحقيقه 92 لقبًا فرديًا
بعد نهائيات كأس ديفيس، أعلن أسطورة التنس الإسباني رافاييل نادال اعتزاله عن عمر يناهز الـ38 عامًا، مسدلاً الستار على مسيرة زاخرة بـ92 لقبًا فرديًا، منها 22 لقبًا كبيرًا، فارضاً احتراماً عالميًا لموهبته.
الصور: من ريتشارد ميل وفيها يضع رافاييل نادال ساعة RM 27-05 Flying Tourbillon Rafael Nadal
“سأعتزل كرة المضرب الاحترافية. في الحقيقة عشت سنوات صعبة، خصوصاً في السنتين الأخيرتين. لم أكن قادراً على اللعب من دون قيود. طبعاً هذا قرار صعب، لكن في هذه الحياة هناك بداية ونهاية لكل شيء”. هكذا أعلن رافاييل نادال خبر اعتزاله في شريط فيديو نشره عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتابع نادال الذي تعرّض لإصابات كثيرة في السنوات الأخيرة: “حان الوقت لوضع حد لمسيرة طويلة وناجحة جداً لدرجة لم أكن أتوقعها. أنا متحمّس جداً أن تكون دورتي الأخيرة في نهائيات كأس ديفيس، حيث أمثل بلدي.”
رافاييل نادال اللاعب الأسطورة
إنّ حياة رفاييل نادال البالغ من العمر 38 عامًا غنيّة عن التعريف. فهو لاعب تنس إسباني محترف، تمّ تصنيفه في المرتبة الأولى عالميًا في الفردي من قبل رابطة محترفي التنس (ATP) لمدة 209 أسابيع، وحصل على المركز الأول في نهاية العام، خمس مرات.
فاز نادال بـ 22 لقبًا فرديًا للرجال في البطولات الأربع الكبرى، بما في ذلك 14 لقبًا في بطولة فرنسا المفتوحة. لقد فاز بـ 92 لقبًا فرديًا على مستوى اتحاد لاعبي التنس المحترفين، بما في ذلك 36 لقبًا للماسترز وميدالية ذهبية أولمبية، 63 منها على الملاعب الترابية، كما أحرز جوائز مالية بقيمة 135 مليون دولار أميركي.
نادال هو واحد من رجلين فقط أكملا البطولات الأربع الكبرى في الفردي. وتمثّل انتصاراته الـ 81 المتتالية على الملاعب الرملية، أطول سلسلة انتصارات متتالية في العصر المفتوح.
لأكثر من عقد من الزمن، قاد نادال رياضة التنس للرجال جنبًا إلى جنب مع روجيه فيدرير ونوفاك ديوكوفيتش، باعتبارهما الثلاثة الكبار.
في بداية مسيرته الاحترافية، أصبح نادال واحدًا من أنجح المراهقين في تاريخ جولات اتحاد لاعبي التنس المحترفين، حيث وصل إلى التصنيف العالمي رقم 1.
حصل على التصنيف الثاني وفاز بـ 16 لقبًا قبل أن يبلغ العشرين من عمره، بما في ذلك أول بطولة له في بطولة فرنسا المفتوحة وستة بطولات للماستيرز. أصبح نادال المصنّف الأول عالميًا للمرة الأولى في عام 2008 بعد فوزه على فيدرير في نهائي ويمبلدون التاريخي، وهو أول فوز كبير له على الملاعب الرملية. وأتبع فوزه بميدالية ذهبية أولمبية في الفردي في أولمبياد بكين 2008. بعد فوزه على ديوكوفيتش في نهائي بطولة أميركا المفتوحة عام 2010، أصبح نادال الذي كان يبلغ من العمر حينها 24 عامًا، أصغر رجل في العصر المفتوح يحقق بطولة غراند سلام، وأول رجل يفوز بالبطولات الكبرى على ثلاثة أسطح مختلفة: الصلبة والعشبية والترابية في العام نفسه.
في عام 2013، وبعد موسمين مليئين بالإصابات، عاد نادال إلى الجولة، حيث وصل إلى 14 نهائيًا، وفاز بلقبين رئيسيين وخمس بطولات للماسترز بما في ذلك بطولة الولايات المتحدة المفتوحة Summer Slam. واصل نادال هيمنته في بطولة فرنسا المفتوحة، وحصل على ستة ألقاب، ولقبين في بطولة الولايات المتحدة المفتوحة، ولقب بطولة أستراليا المفتوحة، وذهبية الزوجي الأولمبي في أولمبياد ريو 2016 مع مارك لوبيز.
تجاوز نادال رقمه القياسي المشترك مع ديوكوفيتش وفيدرير في أكبر عدد من ألقاب فردي الرجال في البطولات الأربع الكبرى في بطولة أستراليا المفتوحة 2022، وأصبح واحدًا من أربعة رجال في التاريخ أكملوا ثنائية غراند سلام في الفردي.
إصابات أبعدت نادال عن 16 بطولة كبرى
خلال مسيرته الغنية بالأرقام القياسية، تعرّض نادال لسلسلة إصابات أبرزها في قدمه اليسرى، إذ عانى من متلازمة “مولر-فايس”.
ومن الكاحل إلى معصم والركبة والمرفق والمشكلات المعوية، تسبّبت الإصابات بابعاده عن 16 بطولة كبرى، وانسحابه في خمس مناسبات خلالها. وكشف في رولان غاروس عام 2022، أن تتويجه كان مستحيلاً لولا تلقيه الحقن المسكّنة للألم في قدمه. ثم خضع لتدخل جراحي تطلّب حرق أعصاب في قدمه، للسماح له باطالة مسيرته الاحترافية.
رغم ذلك، ألقى تزايد الاصابات بظلاله على مشوار نادال الرائع. وأجبره إجهاد في البطن على الانسحاب من بطولة ويمبلدون، حيث بلغ الدور نصف النهائي. وأصيب بعدها في وركه في بطولة أستراليا في يناير 2023، إذ ودّع البطولة من الدور الثاني. حينها غرقت زوجته ميري في الدموع وهي تشاهده يتألم.
وخلافاً لمعنوياته على أرض الملعب، قال نادال راضخًا بعد خروجه من بطولة ملبورن: “الأمر مؤلم كالعادة، لكن الكأس ممتلئة الآن، وسيأتي وقت تفيض فيه..”أنا مدمّر نفسياً”.
وربما شعر نادال بأن الاعتزال قريب في كأس ليفر في لندن في سبتمبر 2022، عندما لعب إلى جانب فيدرير في مباراة تاريخية.
بعمر الحادية والاربعين، وبعد اصابات متلاحقة بالركبة، أعلن فيدرير اعتزاله. وبكى الرجلان واحتضنا بعضهما البعض مع نهاية مشوار السويسري. وقال نادال: “عندما يودّع روجيه الملاعب، يودّع أيضاً جزءًا هاماً من حياتي”.
تعرّض نادال لإصابة في بطولة أستراليا المفتوحة، يناير 2023، وابتعد عن الملاعب لمدة عام تقريبًا، ومنذ ذلك الوقت لم يستعد مستواه السابق، بسبب وقوعه في فخ الاصابات المتكرّرة والانسحابات.
إختير نادال لحمل علم بلاده في أولمبياد باريس الأخير، وحمل الشعلة الأولمبية مع الأسطورة الأميركية سيرينا وليامز، ثم شارك في مباريات الزوجي مع النجم الشاب كارلوس ألكاراس، من دون تمكّنه من حصد الذهبية.
رفاييل نادال: أسلوب مميّز داخل الملاعب وخارجها
باعتباره لاعبًا أعسر، فإن إحدى نقاط القوة الرئيسية لدى نادال هي ضربته الأمامية، والتي يضربها بدرجة عالية من الدوران العلوي. كما أنه يصنّف بانتظام بين قادة الجولة من حيث النسبة المئوية لمباريات العودة ونقاط العودة ونقاط الاستراحة التي تم الفوز فيها.
فاز نادال بجائزة ستيفان إدبيرج للروح الرياضية خمس مرات، وكان أفضل رياضي عالمي لعامي 2011 و2021 من لوريوس. وقد اختارت مجلة تايم نادال واحدًا من أكثر 100 شخص تأثيرًا في العالم في عام 2022. وهو حائز وسام الصليب الكبير الملكي ووسام الاستحقاق الرياضي، والصليب الأكبر من وسام الاستحقاق البحري، ووسام مدينة باريس.
ممثلًا لإسبانيا، فاز نادال بميداليتين ذهبيتين أولمبيتين، وقاد البلاد إلى أربعة ألقاب في كأس ديفيز. افتتح نادال أيضًا أكاديمية للتنس في مايوركا، وهو فاعل خير نشط.
رونالدو يودّع نادال بتعليق مؤثر
علق المهاجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، على قرار اللاعب الإسباني رفاييل نادال باعتزال لعبة التنس بشكل نهائي، قائلاً: “رافا.. يا لها من مسيرة مذهلة، لقد ألهم تفانيك وشغفك وموهبتك الملايين حول العالم”.
واختتم بالقول: “لقد كان شرفًا لي مشاهدة رحلتك، وأن أكون صديقًا لك، شكرًا لك على هذه المسيرة الحافلة، واستمتع باعتزالك”.