السبّاحة الأولمبية يسرى مارديني تعود إلى أولمبياد باريس 2024.. كصحافية
على الرغم من اعتزالها رياضة السباحة، تتولى السبّاحة الأولمبية السورية يسرى مارديني قيادة فريق اللاجئين الأولمبي في الألعاب الأولمبية في باريس. وقد شاركت مارديني متابعيها البالغ عددهم 804000 على إنستغرام مقطع فيديو قالت فيه: “أنا هنا لأقدّم لكم فريقًا خاصًا للغاية حارب بجدية أكبر، وسافر لمسافات أبعد ليكون هنا الليلة. إنه فريق اللاجئين الأولمبي”.
يسرى مارديني تروي قصص الرياضيين اللاجئين
عندما وصلت يسرى مارديني إلى معسكر فريق اللاجئين الأولمبي التابع للجنة الأولمبية الدولية في بايو بفرنسا يوم الثلاثاء 16 يوليو، بدا الأمر وكأن الزمن قد عاد إلى الوراء. إذ استقبل الموظفون وزملاء الفريق السابقون اللاعبة الأولمبية مرتين، والتي كانت قد تقاعدت من السباحة بعد دورة الألعاب الأولمبية طوكيو 2020، وكأنها لا تزال جزءًا من الفريق.
ومع ذلك، هذه المرة، ستخوض اللاعبة البالغة من العمر 26 عامًا، والتي كانت واحدة من نجوم فريق اللاجئين الأولمبي الافتتاحي في ريو 2016، دورة الألعاب الثالثة لها، لكن هذه المرة كصحافية إذاعية في قناتي ديسكفري يوروسبورتس، لتقديم تقارير عن فريقها السابق من بين قصص أخرى.
وقالت يسرى مارديني لموقع Olympics.com قبل بدء المقابلة: “أفضّل إجراء المقابلات مع الناس على أن تُجرى المقابلة معي، لأن التحدّث طوال الوقت قد يكون مرهقًا في بعض الأحيان، لكنني لا أمانع في كليهما”.
أما عن فريق اللاجئين فقالت يسرى مارديني:”إنه لأمر مميّز للغاية أن أعود وأرى الفريق. بعض الرياضيين الذين أعرفهم، وبعض الرياضيين الذين التقيت بهم للتو. إنه لأمر رائع دائمًا أن نرى كيف يجمع فريق اللاجئين الأولمبي الجميع من كل أنحاء العالم.”
كذلك اعترفت يسرى مارديني، بأنها تختبر مشاعر مختلطة حول العودة إلى الفريق في هذا الدور المختلف: “يسعدني جدًا أن يتعرّف الفريق على بعضه البعض ويصبح جزءًا من عائلات بعضه البعض، لأن هذا هو ما يعنيه الأمر بالنسبة لي. وبالطبع، من ناحية أخرى، كوني رياضية أو رياضية متقاعدة أمر عاطفي للغاية بالنسبة لي. أريد حقًا التنافس. أريد أن أكون هناك. لكنني أشعر بأنني محظوظة جدًا لكوني قريبة من الفريق وأن أكون مراسلة.”
والجدير ذكره أن يسرى مارديني، تعمل عن كثب مع مفوضية اللاجئين منذ اختيارها للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية لعام 2016 في ريو دي جانيرو، وقد سلّطت الضوء بأدائها الملهم على أول فريق أولمبي للاجئين وعلى أزمة اللاجئين العالمية الأوسع نطاقاً.
يسرى مارديني.. صوت النازحين قسرًا
تُعتبر يسرى مارديني، صوتاً قوياً للنازحين قسراً في كافة أنحاء العالم، ومثالاً على عزيمتهم وتصميمهم على إعادة بناء حياتهم، والإسهام بشكل إيجابي في المجتمعات المضيفة، وقد تمّ تعيينها سفيرة للنوايا الحسنة للمفوضية في أبريل 2017. ومنذ ذلك الحين، التقت يسرى مارديني وشجّعت اللاجئين على سبيل المثال في مخيم الزعتري بالأردن، وتحدّثت في العديد من اجتماعات المناصرة رفيعة المستوى والمقابلات الإعلامية وكذلك في المدارس.
في 20 يونيو 2023، يوم اللاجئين العالمي للأمم المتحدة، بدأت رسميًا مؤسسة يسرى مارديني لدعم الرياضة والتعليم لمجتمعات اللاجئين. وتتخذ المؤسسة من الولايات المتحدة وألمانيا مقرًا لها، وتتكون من فريق صغير عمل مع اللاجئين من قبل. وهي تقدّم علامات تجارية شهيرة للأزياء، وقد ظهرت في يناير 2023 ، على غلاف مجلة هاربر بازار أرابيا، وعرضت الأزياء في أسبوع الموضة في ميلانو في سبتمبر من العام نفسه.
إضُطرت يسرى مارديني لمغادرة دمشق مع شقيقتها، وتوجهتا عبر لبنان وتركيا قبل محاولتهما الوصول إلى اليونان على متن قارب.
تعيش يسرى مارديني اليوم في برلين، لكنّ معظم أفراد أسرتها لا يزالون في دمشق ويعيشون في ظل ظروف صعبة للغاية، ولا تزال يسرى تشعر بالقلق إزاء الوضع في سوريا. وقد أثّرت تجربة لجوئها على تصميمها على المساعدة في تركيز اهتمام العالم على قضايا اللاجئين.
منذ مشاركتها في الألعاب الأولمبية في عام 2016، اتجهت يسرى مارديني إلى مخاطبة زعماء العالم، فقابلت البابا، وتم تكريمها بجوائز عديدة. وهي مصمّمة على مواصلة بناء وتطوير مهاراتها كمدافعة عن قضية اللاجئين.
وتقول يسرى مارديني: “أنا أتدرّب بجد منذ دورة ألعاب ريو، ولكنني أيضاً أفكر كثيراً بما يمكنني القيام به لمساعدة اللاجئين في كل أنحاء العالم. السباحة هي أهم أمر في حياتي، يليها التحدّث حول اللاجئين والقيام بأعمال لمساعدتهم”.
وبعد قرارها بإنهاء مسيرتها في السباحة، انتقلت مارديني إلى لوس أنجلوس في عام 2022، لدراسة السينما والفنون البصرية في جامعة جنوب كاليفورنيا.
يسرى مارديني أنقذت مع شقيقتها 18 مهاجرًا
يسرى مارديني هي من مواليد 1998، وهي سبّاحة سورية سابقة ولاجئة من الحرب الأهلية السورية. كانت عضوًا في أول فريق أولمبي للرياضيين الأولمبيين للاجئين (ROT) الذي تنافس تحت العلم الأولمبي في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية 2016 في ريو دي جانيرو. كما نافست يسرى في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية 2020 في طوكيو، مع فريق اللاجئين الأولمبي (EOR). تم اختيارها كواحدة من أكثر 100 شخص تأثيرًا في العالم من قبل مجلة تايم في عام 2023، إلى جانب شقيقتها سارة.
فإضافة الى كونها بطلة أولمبية، تُعتبر يسرى مارديني، بطلة حقيقية في عالم الواقع. ولدت مارديني لعائلة سورية. نشأت في دمشق، حيث تدرّبت على السباحة بدعم من اللجنة الأولمبية السورية. في عام 2012، مثلت سوريا في بطولة العالم للسباحة 2012 (25 مترًا) في سباقات 200 متر فردي متنوعة و200 متر سباحة حرة و400 متر سباحة حرة.
ولكن بعد أن دُمر منزلها في الحرب الأهلية السورية، قرّرت يسرى مارديني وشقيقتها سارة، الفرار من سوريا في أغسطس 2015. وصلتا إلى لبنان، ثم تركيا، حيث رتبتا للتهريب إلى اليونان بالقارب مع 18 مهاجرًا آخرين، على الرغم من أن القارب كان من المفترض أن يستخدمه ما لا يزيد عن 6 أو 7 أشخاص. وبعد توقف المحرك عن العمل، بدأ القارب الصغير في دخول الماء في بحر إيجه، قفزت يسرى وسارة وشخصان آخران قادران على السباحة إلى الماء ودفعوا القارب وسحبوه عبر الماء لأكثر من ثلاث ساعات، حتى وصلت المجموعة إلى جزيرة ليسبوس. بعدها سافروا سيرًا على الأقدام عبر أوروبا إلى ألمانيا، حيث استقروا في برلين في سبتمبر 2015. كما فر والداها وشقيقتها الصغرى، شهد، من سوريا ويعيشون في ألمانيا.
يسرى مارديني .. قصّة ملهمة
تم سرد قصة يسرى مارديني، في مجموعة القصص القصيرة Good Night Stories for Rebel Girls، من تأليف إيلينا فافيلي وفرانشيسكا كافالو. تم رسم القصة بواسطة جيه إم كوبر، وعندما تم إصدار القصة كحلقة بودكاست، روتها الصحافية الأميركية والسباحة لمسافات طويلة ديانا نياد. علاوة على ذلك، كتب الموسيقي الأيرلندي ديكلان أورورك أغنية “أولمبي” للتذكير بقصة يسرى مارديني.
في 3 مايو 2018، نُشرت سيرتها الذاتية بعنوان “الفراشة: من لاجئة إلى لاعبة أولمبية” نُشرت قصة الإنقاذ والأمل والانتصار. في نوفمبر 2022، تم إصدار فيلم سيرة ذاتية مستوحى من حياة يسرى مارديني بعنوان السباحتان، وتم عرضه على نتفليكس، في وقت لاحق من الشهر نفسه. الفيلم من بطولة منال عيسى وناتالي عيسى وأحمد مالك.