أول سعودي وأول سائق مستقلّ يحقّق لقب رالي داكار: يزيد الراجحي: “المركز الأول أو لاشيء”

في إنجاز رياضي سعودي إستثنائي وغير مسبوق، توّج السائق السعودي يزيد بن محمد الراجحي بلقب بطولة رالي داكار 2025، الجولة الأولى من بطولة العالم للراليات الصحراوية الـW2RC، ليصبح بذلك أول سعودي يحقق هذا اللقب الأسطوري، وأول سائق يفوز بالرالي على أرض المملكة، كما أصبح يزيد أول متسابق من فريق خاص غير مصنّعي يفوز منذ 25 عامًا.
قاد الراجحي سيارته تويوتا هايلوكس، التي أعدّها فريق أوفردرايف، عبر مسافة تزيد على 7,500 كيلومتر من التضاريس الصعبة والمراحل الشاقة، ضمن النسخة الـ74 من رالي داكار. امتدت المنافسات على مدار 15 يومًا مقسّمة إلى 13 مرحلة، بدأت من مدينة بيشة مرورًا بمناطق مختلفة من المملكة، منها حائل التي استضافت يوم الراحة، وانتهت في صحراء الربع الخالي.
منافسات محتدّمة ومراحل صعبة
شهد الأسبوع الأول من الرالي منافسة شرسة وصعوبات كبيرة، خاصة في مراحل مثل “مرحلة الكرونو 48” و”مرحلة الماراثون”، حيث واجه السائقون اختبارات قاسية على مستوى القدرة والتحمّل. وعلى الرغم من صعوبة التضاريس، تألّق يزيد الراجحي بتحقيق فوز لافت في المرحلة الرابعة، ليرفع رصيده إلى أربع انتصارات في مراحل رالي داكار، مؤكدًا مكانته بين نخبة سائقي العالم.
في الجزء الثاني من الرالي، اشتعلت المنافسة مع تقدّم الراجحي إلى صدارة الترتيب العام المؤقت في المرحلة التاسعة، متفوّقًا على منافسه الجنوب إفريقي هينك لاتيغان، سائق فريق تويوتا جازو. وعلى الرغم من استعادة لاتيغان الصدارة في المرحلة العاشرة، أظهر الراجحي روحًا قتالية عالية. وبخطة هجومية مدروسة، تمكن من العودة إلى الصدارة في المرحلة الحادية عشرة، ليواصل الأداء المميّز حتى اللحظة الأخيرة.
وبالتالي أثبت يزيد الراجحي، بشجاعته وإصراره، أنه ليس مجرد متسابق، بل رمز للإنجاز والطموح الذي لا يعرف المستحيل.
إنجاز تاريخي

عند وصوله الى خط النهاية وهو يلوّح بالعلم السعودي قال الراجحي: “أنا فخور جدًا بالفوز، لم يكن رالي داكار سهلاً. أنا سعيد للغاية. قدنا بشكل جيد، وحللنا في المركز الأول”. وتابع: “بالطبع لقد حققنا بعض الأرقام القياسية اليوم: أول سائق سعودي يحقّق الفوز بالرالي، وأيضًا في آخر 25 سنة لم يتفوق أي فريق خاص على فريق مصنعين، لكننا نجحنا بهذا الأمر هذه المرة. هذا الفوز يُسجّل في التاريخ”.
كذلك عبّرالبطل السعودي عن امتنانه وتقديره لفريق عمله ومساعده الألماني تيمو غوتشالك، قائلاً: “أشكر صديقي ومساعدي تيموعلى العمل الرائع الذي قام به كعادته. أنا سعيد بامتلاكي فريق عمل متكامل وطموح، بالإضافة إلى سيارة مقاتلة بكل ما تحمله الكلمة من معنى كما أوجه شكري إلى فريقي يزيد ريسنغ، وبالأخص فريقي الإعلامي الذي يقدّم زخمًا إعلاميًا مميزًا. فالزخم الإعلامي هو سر نجاح أي فريق، وقد ساهم بشكل كبير في تعزيز حضورنا في ساحة الراليات وإبراز إنجازاتنا بشكل استثنائي”.
كما أهدى الراجحي هذا الإنجاز التاريخي للقيادة الحكيمة، مشيدًا بالدعم الكبير الذي تحظى به الرياضة في المملكة العربية السعودية. ووجّه شكره إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وإلى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود على الجهود الجبارة التي تُبذل لتنظيم هذا الحدث الرياضي العالمي للمرة الخامسة على التوالي في المملكة، وعلى حرصهم الدائم على توفير كافة سبل الراحة للمشاركين في هذا الرالي الأضخم والأصعب عالميًا.
وأعرب الراجحي عن شكره وتقديره لصاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل، وزير الرياضة، وصاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان العبد الله الفيصل، رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية، على دعمهما المستمر واهتمامهما الكبير برياضة المحركات في المملكة بجميع فئاتها. وخصّ الراجحي بالشكر رفيق النجاح، شركة جميل لرياضة المحركات على دعمها المستمر لفريق يزيد ريسنغ، وخاصة في رالي داكار، الذي يُعدّ الأطول والأكثر تحديًا في عالم رياضة المحركات.
10 سنوات من العمل الجاد

بدأ يزيد الراجحي مسيرته في عالم تحدّيات السيارات كسائق “أوفر درايف” وقد خاضَ أول مشاركةٍ له في رالي داكار عام 2015، وتحديداً مع فريق “تويوتا هايلوكس”. وفي أول ظهور له خلف مقود تويوتا هايلوكس في داكار عام 2015 عندما كان يقام في أميركا الجنوبية، فرض حضوره القوي بعدما انتزع أول مرحلة خاصة في مسيرته في اليوم الثامن، قبل أن يضطر للانسحاب بسبب عطل أصاب محرك سيارته. حينها كان يحتل المركز الثالث ليخطف الأضواء كأفضل سائق مبتدئ.
في عام 2017؛ قرّر يزيد الراجحي الانضمام إلى فريق “ميني إكس– رايد”، منهيًا هذه النسخةَ في المركز السابع والعشرين، إلا أنه عاد عام 2019، ليحقّق رقماً مميزًا بحصده المركز السابع، ما يؤكّد رغبته الجامحة نحو تحقيق مراكزَ أفضل.
في عام 2020، استضافت المملكة العربية السعودية النسخة الأولى لها من رالي داكار، وقد بذل الراجحي جهده ليحقّق إنجازًا على أرض وطنه، وبالفعل نجح يزيد بالحصول على المرتبة الرابعةِ في الترتيب العام لفئة السيارات، إلا أنه في عام 2021 تراجع إلى المركز السادس عشر.
هذا التراجع لم يحبطه، على العكس زوّده بالدافع، فتمكّن عام 2022، أن يصعد لأول مرّة في مسيرته على منصة داكار، وذلك بعد حصوله على المركز الثالث في فئة السيارات، ونجاحه في تحقيق الفوز في مرحلتين من الرالي، في حين كان أشرس منافسيه في الصحراء القطري ناصر صالح العطية، يرفع جائزة المركز الاول.
ولم تنحصر المنافسة بين هذين السائقين عند حدود داكار أو بطولة الشرق الأوسط للراليات التي غادرها الراجحي باكرًا العام الماضي(فاز في 4 راليات) للمشاركة في بطولة العالم للراليات “دبليو آر سي”، بل شهدت بطولة العالم للراليات الصحراوية الطويلة “دبليو2آرسي” معارك شرسة في العامين الماضيين انتهت بنيل الراجحي لقب الوصيف مرتين خلف القطري.
2024 عام صعب

مع إنطلاق العام 2025، خطّ الراجحي إبن العاصمة الرياض، قدره بيديه ليدوّن اسمه كأول سعودي يحرز لقب الرالي الشهير، بعدما كان أول عربي يفوز برالي “سيلك واي” الشهير (طريق الحرير) عام 2018، ليسير على خطاه العطية في العام التالي.
عوّض الراجحي الذي يتحدّر من عائلة ثرية في مجال الأعمال المصرفية في البلاد، ما خسره العام الماضي عندما اضطر للانسحاب من المرحلة السادسة جرّاء تعرّضه لحادث في مرحلة الماراثون “48 ساعة”، بعدما كان قد أحرز ثلاثًا من المراحل الخمس الأولى. وبدا مصمّمًا على دخول التاريخ من بوابة داكار، ومهّد لهذا الانجاز باحرازه هذا العام لقب بطولة السعودية للراليات الصحراوية وفوزه ضمن “دبليو2آرسي” برالي ديسافيو روتا 40 في الأرجنتين أمام العطية نفسه، علمًا أنه كان فاز براليي أبوظبي الصحراوي والمغرب عام 2023.
مما لا شكّ فيه أن الراجحي هو سائق سريع، أثبت قدراته منذ سنوات طويلة، لكنه غالبًا ما وقع ضحية الحوادث التي تعرّض لها بسبب سرعته الزائدة في بعض الأحيان وهو صاحب المقولة الشهيرة: “إما المركز الأول أو لا شيء”.
متنافس شرس وشخص خلوق
بالإضافة إلى كونه منافسًا شرسًا وسائقًا موهوبًا، يعُرف يزيد الراجحي الذي يبلغ من العمر 43 عامًا، بكرمه ودماثة أخلاقه في واحة المبيت في رالي دكار الصحراوي.
في السنوات الأخيرة، قام بتنظيم الولائم وخصوصًا خلال أيام الراحة، لاستضافة معظم المشاركين وإضفاء أجواء المحبة في أشهر راليات الرايد الصحراوية الذي تستضيفه بلاده منذ عام 2020 . علمًا أنه يشارك في رالي داكار بألوان فريقه الخاص من دون أن يكون منضويًا تحت لواء فريق تويوتا غازو الرسمي.